خطوط الصراع - مشروع الحزام والطريق

  • شارك
  • تاريخ الحلقة
    2020-06-01
  • التقييم
  • موضوع الحلقة
    - لماذا اختارت الصين وحسب أي معايير الدول التي يمر من خلالها الطريق؟
    - يعني قبل أن أجيبك على سؤالك أستاذ علي، دعني ألفت النظر أن الصين هي حضارة قديمة جدا" تمتد إلى 4 آلاف سنة، الصين دولة وشعب لم يحتل أي بلد آخر تاريخيا" على عكس ما نشاهد في التاريخ القديم في اليونان والرومان والعرب والفرس وكل الحضارات القديمة في هذه المنطقة. تعرضوا لاحتلال المغول مدة 50 عاما" في مطلع القرن الرابع عشر وحرب الأفيون الأولى وحرب الأفيون الثانية من السلطات البريطانية لذلك فكرة التوسع والفكرة الأمبريالية والأمبراطورية العالمية غير موجودة في أذهان الصينيين. النقطة الثانية هي السياسة الصينية الحالية، تسلك الصين سياسة التعامل بالمثل مع الدول وكل الإتفاقات التي تجري مع جميع الدول كبيرة كانت أم صغيرة هي اتفاقية رابح-رابح win-win وليس مثل الإتفاقيات التي تفرضها الدول الكبرى على بعض الدول الغنية والضعيفة كي تسلب منها أموالها. أعود إلى سؤالك كيف اختارت هذه الدول، هذه الدول بحكم الجغرافيا كانت على طريق الحرير القديم الذي بدأ منذ ما قبل الميلاد وهو الطريق نفسه على التجارة الصينية وخاصة نقل الحرير إلى هذه الدول، هو طريق بري أساسا" يبدأ من العاصمة شيان إلى أوزباكستان ثم قريغيزستان ثم يأتي إلى إيران وتركيا وروسيا وفنلندا. هذا الطريق كان نشطا" جدا" بين العاصمة القديمة شيان وإيران.

    - لماذا هذه الدول تحديدا"؟
    - الجغرافيا فرضت هذا الموضوع والطريق والأسواق والحرير وطبعا" الديموغرافيا. يعني أوروبا الغربية اليوم مختلفة عما كانت عليه في القرن العاشر ولغاية القرن الثامن عشر، لم يكن هناك أسواق في أوروبا، كانت الأسواق كلها في بلاد فارس وحوض بحر قزوين وفي منطقة البحر الأسود أي تركيا وإيران. لذلك الجغرافيا هي التي فرضت هذه الدول. أما المبادرة الثانية أي الحزام أو طريق الحرير البحري فيبدأ من فوزهو إلى أندونيسيا، ماليزيا ثم سيريلانكا التي كانت جزء من الهند ثم باكستان وعمان ومن هنا إلى داخل أوروبا واليونان وإلى هولاندا. حتى الآن هذا هو الطريق، لكن سيتفرع منه طرقات عديدة.

    - هذا يضعنا أمام سؤال هل أنجز طريق الحرير أو هو قيد الإنجاز ؟
    - هو شبه منجز وهناك رحلات لقطارات تنقل بضائع من الصين إلى أوروبا ووصلت إلى ألمانيا منذ شهر وهناك رحلات معاكسة من أوروبا إلى الصين. وطبعا" النقل بالقطارات وخاصة القطارات السريعة هو أوفر وأفضل وأسرع من النقل البحري.

    - موقع الصين الجغرافي وأيضا" الموارد التي تصدرها أو الموجودة داخل الصين، طريق الحرير هو سوق استهلاكي أم للتوسع السياسي أم لماذا؟
    - حتى الآن لا يوجد على الأجندة الصينية التوسع السياسي، وما قيل عن تنافس بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وإنذار الرئيس ترامب أنها ستصبح عام 2022 القوة الإقتصادية الكبرى في العالم لا يحمل نوايا توسعية ونوايا هيمنة سياسية على أحد في المنطقة، لكنه الهاجس الأميركي والأوروبي حيث يعتبر الرئيس ترامب وفريق كبير من الصقور في الولايات المتحدة الأمريكية أنهم إذا لم يكونوا هم مهيمينين على العالم فهناك مشكلة. بينما لا يستطيعون تصور عالم من دون هيمنة كالذي تسعى إليه الصين. حتى في الإتفاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية هناك سوق أمريكية للصين ب 300 مليار دولار، هناك سندات خزينة بأكثر من ترليون و500 مليار دولار صينية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وهناك استثمارات ضخمة أمريكية داخل الصين.

    - هل تحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تعرقل هذا المشروع؟
    - بالضبط الولايات المتحدةالأمريكية تحاول أن تعرقل نمو الصين، ونمو الصين يكون عبر الصناعات والG5 التي سمعنا عنها الكثير وأيضا" عبر طريق الحرير التي نحن نتحدث عنها الآن. محاولة عرقلة طريق الحرير يكون بعقد اتفاقات مع الدول التي تقع على هذه الطريق لكي تقطعها. لكن مع سوء حظ الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الدول التي يمر عليها طريق الحرير غير خاضعة تماما" للولايات المتحدة الأمريكية ولها سيادة على قرارها يعني حتى تركيا حليفة الولايات المتحدة الأمريكية وعضو حلف الأطلسي لها سيادة.

    - يعني ما يحكم هذا الطريق مسار بحري وبري ميداني، العرقلة الميدانية من الولايات المتحدة الأمريكية كيف ستكون، من أي دولة يمكن أن تدخل الولايات المتحدة على الخارطة لتعرقل هذا المشروع؟
    - هذا الطريق يمر من الصين إلى آسيا الوسطى في قيرغيزستان وأوزباكستان ثم إلى إيران وتركيا. لا يمكن للولايات المتحدة أن تقوم بعملية عسكرية لقطع هذا الطريق، هذا غير وارد، إلا أنها يمكن أن تبث النزاعات، هي تستثمر النزاعات الموجودة أصلا" وهي موجودة أصلا" في أفغانستان. أفغانستان هي دولة مهمة جدا" من الناحية الإستراتيجية، هي دولة تقع بين آسيا الوسطى من جهة وباكستان والهند من جهة ثانية والصين من الجهة الشرقية وإيران من الجهة الغربية. يعني أفغانستان هي نقطة محورية واستراتيجية ومحط صراع دولي قديم: على أيام الأمبراطوريات، البريطانيون احتلوا الهند ووصلوا إلى جنوب أفغانستان، القياصرة الروس احتلوا آسيا الوسطى ووصلوا إلى شمال أفغانستان. بقيت أفغانستان موقع نزاع. عندما غزتها الولايات المتحدة الأمريكية في 2001 للإطاحة بحكم طالبان، تبين لها بعد 19 عاما" من احتلال أفغانستان أن الأفضلية أن تعود طالبان، فعندما تعود طالبان إلى الحكم –طبعا" هناك مفاوضات واتفاق علني قام به زلماي خليل زاده بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان- طالبان هذه وعقلية تنظيم القاعدة ستوجه نشاطها ضد ايران بالدرجة الأولى، ثانيا" ضد جمهوريات آسيا الوسطى طاجيكستان وأوزباكستان، وضد الصين كون هناك 50 كلم من الحدود مع الصين. أيضا" ستثير النزاعات في كشمير بين باكستان والهند. منطقة إثارة النزاعات هي أفغانستان. الولايات المتحدة الأمريكية تستثمر بين قوسين الإسلام السياسي (وهو بالمناسبة لا اسلام ولا سياسة) الموجود لدى طالبان من أجل عرقلة طريق الحرير وقطعها من الوسط. يعني ثبتت حكم القاعدة وطالبان وداعش التي هي أدوات أميركا في المنطقة.

    - سيادة العميد من الأسئلة التي طرحناها في البداية هو هذا المشروع المكلف جدا"، لماذا تنفق الصين عليه؟
    - سيادة العميد شاهدنا هذا الانفوغراف، 900 مليار دولار حتى الآن وهناك المزيد من المليارات ربما التي ستضخ في هذا المشروع، برأيك على اي محور تعمل الصين اقتصاديا" ولذلك تدفع هذه الأموال؟
    - الصين لديها انتاج تريد تصريفه مقابل حاجاتها. حاجات الصين الأساسية اليوم في العالم هي التغذية، لذلك تعمد الصين إلى استئجار مساحات واسعة من الأراضي في أفريقيا والبرازيل وأستراليا ونيوزيلندا من أجل محاصيل الحبوب وتربية الأبقار وانتاج اللبن لتزويد السكان كون هذه المنتجات غير موجودة بشكل يكفي المليار و 500 مليون صيني. لذلك هنك تبادل منفعة في هذا الطريق مع العديد من الدول. أيضا" هناك مجال الطاقة، فالصين تنتج 5 ملايين برميل من النفط يوميا" لكنها تنفق 15 مليون برميل لذلك هي بحاجة إلى النفط وخاصة نفط الخليج. هذه هي مصالح الصين في النفط والغذاء.

    - من الناحية النقدية، نقول بأن الصين تروج لعملتها مقابل الدولار أيضا" ؟
    - هناك مشكلة بين الولايات المتحدة والصين، فالعملة الصينية قوية. طلبت الولايات المتحدة الأميركية تخفيض قيمة العملة كي تصبح ملائمة تجاريا" للبيع يعني إذا كان الدولار ب7 يوان غير أن يكون ب 10 يوان. ب 10 يوان يصبح البيع كثيرا" على الولايات المتحدة الأميركية أما ب 7 يوان كما هو حاليا" فيصبح البيع معقولا". هذا الأمر كان موضوع مفاوضات اقتصادية ومالية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية لتعديل توازن التبادل التجاري بين البلدين.

    - بالنسبة لباكستان، نحن نعلم بأن باكستان هي نقطة محورية في هذا الطريق بسبب التقاء الحزام البري والطريق البحري في باكستان، برأيك كيف قام هذا التعاون بين الصين وباكستان؟
    - لا يمكن للصين أن تتحرك في جوارها دون الأخذ بعين الإعتبار شبه القارة الهندية. شبه القارة الهندية أي هذه المنطقة مؤلفة من الهند وباكستان وبنغلادش. عدد سكان الهند مليار و250 مليون نسمة، باكستان 220 مليون نسمة وبنغلادش 160 مليون نسمة أي أن شبه القارة هذه فيها مليار و650 مليون نسمة ما يفوق عدد سكان الصين ولو أن الهند كانت لا تزال موحدة لكانت هي أكبر دولة في العالم لكنها قسمت إلى باكستان وبنغلادش والهند. كان لا بد من مدخل على شبه القارة الهندية، ونحن نعلم أن هناك نزاع تاريخي بين الصين والهند، نزاع ثقافي، نزاع اثني، نزاع عرقي وهناك أيضا" نزاع بين باكستان والهند المتمثل بكشمير حاليا".

    - إذن نستطيع أن نقول أن هذا التعاون بين الصين وباكستان انطلق من أساس عدو عدوي هو صديقي؟
    - كلا ليس لديهم هذا الأمر عدو عدوي. هذه اللغة ليست موجودة لديهم. المدخل لديهم إلى شبه القارة الهندية هو عبر باكستان التي تدخلهم إلى إيران أيضا". باكستان مهمة بكونها على حدود إيران وعلى حدود آسيا الوسطى أيضا" في تركمانستان وغيرها من المناطق. لذلك باكستان أهميتها تكمن في المناطق التي تجاورها، وما ينطبق على باكستان ينطبق أيضا" على بنغلادش. فبنغلادش دولة مسالمة وليست داخلة في نزاعات المنطقة. لذلك نرى أن العلاقات الباكستانية الصينية هي علاقات مميزة جدا" وأن هناك طريق شقها الصينيون داخل باكستان كلفت أكثر من 4 مليار دولار.

    - كيف ستؤثر هذه النقطة الموجودة في باكستان على الهند وكيف ستؤثر أيضا" على دول الخليج، يعني لو نشاهد على الخارطة هذا التقارب بين باكستان ودول الخليج سنرى أن هناك من سيتأثر من باكستان ومن هذا المشروع تحديدا" الإمارات؟
    - طبعا" الهند باكستان موضوع قديم لكن يتجدد الصراع مع كل عمل تقوم به تنظيمات القاعدة وداعش في المنطقة وتوتر الأجواء بين الشعوب في المنطقة، يعني تكون المنطقة هادئة فيأتي تنظيم القاعدة ويقوم بعملية ارهابية مثل عملية "بومباي" أو عملية " كشمير" التي استهدفت القوات الخاصة فيعود النزاع إلى الأرض. لذلك فإن فائدة تنظيم القاعدة وداعش للولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان مستقبلا" عندما يمسكون بالسلطة في أفغانستان هي تفجير هذه المنطقة وتفجير طريق الحرير من داخل أفغانستان. شهدنا في الآونة الأخيرة زيارة لعمران خان رئيس وزراء باكستان إلى بكين في وقت الكورونا حيث لا أحد يزور أحد.

    - من هذه النقطة سندخل بموضوع كورونا، هل سيؤثر كورونا على هذا المشروع وأين أوروبا الآن من هذا الطريق ونحن نعلم ما حصل لأوروبا خلال انتشار وباء كورونا، هل ستقوى أكثر العلاقة بين الصين وأوروبا أم لا نحن نتجه نحو فض العلاقات؟
    - إن طبيعة العقلية الصينية تختلف عما نحن نظن، فمثلا" كل التصريحات التي صدرت من الإدارة الأمريكية إن كان من الرئيس ترامب أو من أعضاء الكونغرس جوبهت ب22 طائرة من شنغهاي إلى نيويورك تحمل مساعدات طبية. أوروبا أيضا" تلقت مساعدات وصلت من الصين إلى إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، مساعدات صينية، يعني الصينيون استغلوا وباء كورونا من أجل تقديم حسن نواياهم ومساعداتهم إلى جميع دول العالم بدءا" من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وجميع الدول المجاورة. لذلك فإن العقل البراغماتي الصيني يعرف كيف يستغل الخسارة ويستغل الأزمات.

    - هذا كان في البداية، إذا أردنا أن نستعرض في بداية هذا الوباء، كان هناك دعم صيني للدول الأوروبية ثم شاهدنا الإدارة الأمريكية و دونالد ترامب يحولون الترويج بأن هذا الوباء جاء من الصين، هل قبل الأوروبيون بهذه الفكرة أي أن الوباء من الصين وعلى هذا الأساس هناك تأثير على طريق الحرير؟
    - هذا الكلام ليس طبيا" أو علميا" بل كلام سياسي، يعني إبقاء النزاع مفتوح مع الصين وربط النزاع الموجود مع الصين مهما قدمت لهم من خدمات. أما طريق الحرير فهي مستمرة ولا يوجد فيها عقدة إلا في أفغانستان.

    - تحدثنا عن الدول الأوروبية والدول الآسيوية القريبة من الصين لكن لنتحدث عن الدول العربية، نلاحظ أن هناك استثناء أو شبه استثناء للدول العربية في الطريق البري، ما هو السبب برأيك؟ يمر ربما في شمال العراق لكن في لبنان، سوريا والأردن لا نرى أن هناك مرور لهذا الطريق.
    - عندما تتحدث عن دول بحجم 220 مليون نسمة كباكستان أو 160 مليون نسمة كبنغلادش أو مليار و200 مليون نسمة كالهند أو ماليزيا التي تعد 260 مليون نسمة يصبح الحديث عن دول عربية عدد سكانها قليل. دول الخليج في آخر احصاء فيها 27 مليون مواطن و30 مليون مقيم، يعني هذه الدول من عمان إلى الإمارات إلى البحرين إلى الكويت إلى قطر كل هذه الدول عدد المقيمين فيها من غير أبناء الدولة هو أكثر من عدد أبناء الدولة. هذه تركيبة غير طبيعية لكنها غنية بالنفط وغنية بالغاز وبالموارد لذلك فإن علاقات الصين معها هي علاقات مميزة وقوية جدا" خصوصا" مع قطر والإمارات والمملكة العربية السعودية، ونحن نعلم أن الصين زودت المملكة عربية السعودية في عهد الملك عبدالله بصواريخ باليستية أرض-أرض من طراز "هينغ دونغ" تستطيع إصابة مدينة أصفهان في إيران. لذلك لا نستخف بالعلاقات السعودية الصينية خصوصا" أن هناك حاليا" مصنع طيارات "درون" قيد الإنشاء داخل السعودية تقوم به الصين.

    - هذا بالنسبة لدول الخليج لكن لماذا لا نتحدث عن دول الشرق الأوسط، يعني دول غرب آسيا لا يمر الطريق عبرها؟
    - باستثناء إيران التي هي تحت الحصار منذ 40 عاما" لكنها وقفت على رجليها رغم الحصار، فإن باقي الدول كالعراق وسوريا والأردن غير مستقرة أي أن العلاقات معها هي علاقات مؤقتة أي أن هناك تبادل تجاري لكن لا يوجد مجال لعلاقات استراتيجية إلا مع دول مستقرة. الصين تتقرب تتاجر وتقدم مساعدات وتقدم مشاريع لكن ليس بالدرجة الإستراتيجية التي تقوم بها مع باكستان أو أندونيسيا أو بنغلادش.

    - يعني لا تعتبر هذه الدول سوق لتصريف الإنتاج ربما؟
    - عدا عن أنها صغيرة الحجم فهناك عدم استقرار أيضا" وخاصة أن الصين عانت في ليبيا من خسائر فادحة عندما تغير نظام حكم القذافي وجاء النظام الموجود حاليا" والمتنازع عليه.

    - حول أفريقيا، لنتحدث عن مرور الطريق البحري بكينيا وتنزانيا ومنه إلى بقية أفريقيا.
    - الطريق البحري مهم لكن الأهم هو الطرق الفرعية. الأهم هو استثمارات في السودان، وأحد اسباب عدم استقرار السودان اليوم هو كبح التوغل الاقتصادي الصيني في السودان. هناك قارة خام لم تدخلها الولايات المتحدة الأمريكية. الصين تحتاج لأفريقيا لما فيها من موارد طبيعية ولتصريف الإنتاج. أفريقيا تاريخيا" كانت تحت سيطرة فرنسية، بريطانية، بلجيكية وبرتغالية. أنغولا مثلا" كانت برتغالية. الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن دولة استعمارية قبل الإمبريالية الجديدة لذلك ضعفت الدول الأوروبية التي كانت مستعمرة وتقدمت الصين. اليوم وزراة الدفاع الأمريكية أنشأت "أفريكوم" أي قوات أفريقيا للقوات المسلحة الأمريكية لكنها لم تستطع أن تجد لها مكانا" في أفريقيا. لا تزال "أفريكوم" موجودة في إيطاليا وهناك تونس حتى الآن كانت مرشحة وهناك ليبيا من أجل إنشاء مركز قيادة.

    - ما هي أبرز الدول الأفريقية التي لربما يجب على الصين الدخول إليها؟
    - أولا" جنوب أفريقيا، السودان، أثيوبيا، مصر ونيجيريا. هذه دول وازنة.

    - ما هي أهمية مصر في طريق الحرير، لماذا مصر؟
    - مصر بلد تاريخي، بلد فيه قناة السويس، بلد فيه عقدة اتصالات مهمة بين البخر المتوسط والبحر الأحمر، عدا عن أنه سوق استهلاكي كبير.

    - نستطيع أن نقول أن ما تلعبه مصر عبر ربط قارة آسيا وأفريقيا هو نفس الدور الذي تلعبه تركيا بين آسيا وأوروبا؟
    - الدور المصري مهم جدا" لكن الدور التركي حساس أكثر لأن تركيا تقع جنوب البحر الأسود وعلى مضيقي الدردنيل والبوسفور وبحر مرمرة. هنا تركيا جنوب البحر الأسود وهنا مضيقي البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة وممر إجباري لروسيا نحو المياه الدافئة كما يقولون. لذلك الرئيس التركي أردوغان يحسن ويتقن استغلال جغرافيته السياسية في علاقاته مع الدول. يعني يقول للأوروبيين أنا بوابتكم وحدودكم مع العرب والمسلمين. يقول للروس مدخلكم إلى البحر المتوسط أنا. يقول للأمريكيين أنا حدودكم مع الأطلسي ومع إيران. إنه يعرف كيف يستغل جغرافيته السياسية من أجل مصالح بلاده.

    - نتحدث عن تركيا، نتحدث عن مصر، لندخل إلى اليونان بأوروبا.
    - اليونان ليست دولة مهمة. عدد سكانها 9 أو 10 ملايين. ليس فيها استهلاك كبير وليس فيها اقتصاد قوي. تركيا أهم من اليونان بكثير، اليونان أضحت دولة ديكور للتاريخ فقط، ليس فيها اقتصاد وليس فيها مال ولا شيء. تركيا هي الأهم، وهذا هو بحر إيجه بين تركيا واليونان وهناك نزاعات كثيرة عليه أما اليونان فهي دولة للسياحة فقط.

    - لكن وجدنا أن اليونان أول دولة ذهبت الصين إليها.
    - لم تذهب بالمعنى الفعلي. اليونان هي طريق للصين نحو ألمانيا. هي قريبة من البلقان، والبلقان منطقة مبعثرة، مقسمة، مجزأة تعاني من مشاكل عديدة. لا أعتقد أن الصين تضع زخمها في اليونان ولا في البلقان بل تريد المرور إلى إيطاليا، ألمانيا، فرنسا.