خطوط الصراع - غور الأردن

  • شارك
  • تاريخ الحلقة
    2020-07-09
  • التقييم
  • موضوع الحلقة
    ما هي الأهمية الإستراتيجية لغور الأردن؟
    - غور الأردن يشكل أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للإسرائيليين على أكثر من صعيد، أولا" يجب علينا أن ندرك تماما" أن الدولة العبرية التي يؤمن بها اليهود هي في قلب هذه المنطقة التي يتحدثون عنهاالآن، هي عبارة عن ما يسمونه ب"يهودا" و"السامرة". هنا هي الدولة العبرانية القديمة. الإسرائيليون اليهود المتدينون لا يؤمنون بأي دولة أخرى وأي تراب مقدس غير هذا التراب. ولهذا الإسرائيليون يحاولون قدر المستطاع أن يعزلوا هذه المنطقة عن كل محيط جغرافي عربي، فهنا نلمس على الجانب الغربي من الضفة الغربية أو ما يسمونه ب"يهودا" و "السامرة" لا يوجد هناك أي اتصال بالبحر، معزولة تماما" بالأرض المحتلة عام 48، كذلك الآن المطلوب هو عزل هذه المنطقة كليا” عن الضفة الشرقية عن الأردن، لأن أطول حدود موجودة بين الفلسطينيين والدول العربية هي الحدود الأردنية الموجودة من طبريا حتى جنوب البحر الميت. وبالتالي الإسرائيليون يخشون كثيرا" من هذه الحدود التي هي الأطول خاصة أنه في السبعينيات من القرن كانت أهم العمليات العسكرية تمر من نهر الأردن ولهذا الإسرائيليون يطمحون أن يعزلوا عسكريا" عن الأردن أي كيان فلسطيني آخر يتشكل، لأن جميع القادة الإسرائيليين يؤمنون منذ ما قبل شارون -الذي بدأ بخطط العزل عبر جدار الفصل- أن الحدود الطبيعية بين الأردن وفلسطين يجب أن تكون خاضعة للجانب الإسرائيلي.

    لكن الآن في الواقع الحالي أليست الحدود هي تحت السيطرة الإسرائيلية، بماذا سيختلف الموضوع هنا؟
    - أنا أود أن أشير هنا إلى فلسفة وعادات، سأتحدث مرة أخرى عن طبيعة الأغوار. أنا فلسطيني، أعيش في فلسطين المحتلة، ابن قطاع غزة، ابن مدينة اللد التي هجرت منها عام 48، نحن نعيش واقعا" احتلاليا"، الواقع لن يتغير. الآن الإسرائيليون يستولون على كل فلسطين من الشمال إلى الجنوب. ما يقومون به الآن هو محاولة لتقسيم ما قد احتلوه. لن يتغير من الواقع. هم يبحثون عن نوع من الشرعية الدولية وهو أمر غير متحقق. الواقع لن يتغير، غور الأردن 88 و 4 من 10 من هذه الأغوار يخضع للسيادة العسكرية الإسرائيلية. في هذه المنطقة يوجد أكثر من ستين حقل ألغام، معسكرات للتدريب، 36 مستوطنة فيها فقط 11 ألف مستوطن يعيشون، وبالتالي هي خاضعة للسيطرة الإسرائيلية وبالتالي لن يتغير في الواقع شيئ، لكن الإسرائيليين يرودون الآن تغيير الواقع، تغيير الديموغرافيا والجغرافيا. كما ذكرتم، تعريف الغور بالنسبة لنا نحن الفلسطيين يختلف كليا" عن الإسرائيليين. نحن نعرف الغور بمساحة جغرافية لا تتجاوز 841 كلم مربع من منطقة جنوب طوباس حتى البحر الميت. هذه المنطقة بعمق أقصاه 15 كلم هي مساحة الغور. هذا التقسيم الذي كان في ظل الإنتداب البريطاني وفي ظل الحكم الأردني المباشر للضفة الغربية. الآن الإسرائيلييون ماذا يريدون؟ يريدون تغيير الواقع. يريدون توسعة الأغوار على حساب طوباس.

    تغيير الواقع بماذا سيؤثر؟
    - هم يريدون توسعة الأغوار حتى إذا ما تمت هناك عملية ضم، يتم الضم ضمن التعريف الإسرائيلي. الإسرائيلييون يعرفون الأغوار بمساحة 1600 كلم مربع بدءا" من طوباس حتى جنوب البحر الميت أي يريدون ربط الأغوار ببيسان. هذه المساحة كلها مأخوذة أساسا" من التعريف القديم ثم مأخوذة من بر جنين وبر نابلس وبر رام الله ثم بيت لحم والقدس. ولهذا يعتبرون أن منطقة الأغوار إذا ما أخذها الإسرائيلييون سيأخذون مساحة نقية 1600 كلم مربع، مليون و600 ألف دونم أي نقية مما يسمونه بالشوائب العربية ففيها فقط 27 تجمع عربي وفيها ما لا يزيد عن 60 ألف فلسطيني وفيها عدة عشرات من تجمعات للبدو المتنقلة التي ينقلونها من مكان إلى آخر. واهذا تعتبر هذه المنطقة نقية كليا" بالنسبة للإسرائيليين. في هذه المنطقة يمكن البناء لأنها منطقة سهلية، يمكن بناء مطارغير المستوطنات. السلطة الفلسطينية -إبان المفاوضات أيام ياسر عرفات مع الإسرائيليين- كانت تنوي بناء مطار في منطقة أبو موسى إلى الجنوب بالقرب من البحر الميت. الإسرائيليون الآن رفضوا المخططات الفلسطينية ويريدون أن يبنوا هم مطارا" مدنيا" في هذه المنطقة. هذه المنطقة من الناحية العسكرية تحمي الحدود الأردنية الفلسطينية.

    من ماذا يخشى العدو الإسرائيلي في حال كانت هذه الحدود بيد الفلسطينيين؟
    - رغم أن الإسرائيليين يدركون تماما" أن استراتيجيات المعارك قد تغيرت ولم تعد هناك قيمة للجغرافيا فقط. الآن هناك حرب صواريخ، لم تعد المشكلة أن الإسرائيليين يرون عمان من الأغوار.

    ألا يخشى من التمدد الديموغرافي الفلسطيني الموجود من فلسطين باتجاه الأردن، أي أن نسبة كبيرة من المواطنين الأردنيين يحملون الجنسية الفلسطينية؟
    - الإسرائيليون يخافون خوفا" كبيرا" من تكرار تجربة السبعينيات عندما كان الفلسطيني يحمل بندقيته من عمان وينزل بها عبر الأغوار أو عبر نهر الأردن إلى فلسطين المحتلة. وفي الأردن هناك أكثر من 3 ملايين فلسطيني وأكثر من ذلك وجميعهم يستطيعون حمل السلاح والإنتقال بضعة كيلومترات فقط.

    يعني التخوف الإسرائيلي ليس من 60 ألف فلسطيني تقريبا" موجودين في غور الأردن بل من 8 ملايين فلسطيني موجودين في الأردن يمكن لهم دخول الضفة الغربية؟
    - هم لا شك يخافون من الوجود الفلسطيني حتى في الأغوار، هم لا يريدون أي شوائب غير يهودية في منطقة الأغوار لكنهم غير قادرين على إخراج الناس. هم حاولوا إخراج البدو. لكن الخوف الأكبر كما ذكرتم هو من وجود المقاومة الفلسطينية المدنية أو العسكرية في داخل الأردن وممكن أن تنتقل إلى داخل الأغوار. ولهذا منطق شارون، منطق نتنياهو، أيالون، الجميع كان يفكر بأنه لا بد من عزل منطقة الأغوار وفصلها تماما" عن أي كينونة فلسطينية قادمة.

    كيف ستفصل هذه المنطقة؟
    - إذا ما نظرنا إلى الخارطة الآن، هذه هي المناطق المرشحة لقيام الدويلة أو الكيان الفلسطيني. هذه عبارة عن حوصلة داخل الكيان الإسرائيلي. الإسرائيليون أولا" كما ذكرتم إذا ما أخذوا الأغوار الأردنية إذن أخذوا عمق من 25 إلى 40 كلم داخل الأراضي الفلسطينية. أين؟ داخل نابلس، داخل طوباس، داخل جنين وداخل رام الله. طبعا" القدس هم لا يتحدثون أنهم يأخذون أرضا" من القدس لأنهم يضمون مناطق من الأغوار إلى القدس في هذا المنتصف. هم يربطون القدس بالأغوار. الإسرائيليون الآن يحاولون من خلال فكرة الضم ربط القدس بكل المدن الفلسطينية. ربط القدس بتل أبيب، ربط القدس بالنقب، ربط القدس بإيلات، ربط القدس ببئر السبع. هذا الكيان الفلسطيني المقترح سيكون كالحوصلة داخل الكيان الصهيوني، لكن المهم هو أن الأغوار هي أكثر منطقة نقية ذكرت. المناطق الفلسطينية مقسمة إلى 3 مناطق A، B، C وفق اتفاقية أوسلو. A هي عبارة عن داخل هذه الحوصلة أي مناطق تجمعات تشكل 19 % من مساحة الضفة الغربية. مساحة الضفة الغربية حوالى 5840 كلم مربع. 19 % منها هي مناطق فلسطينية. هي قلب المدن: نابلس، رام الله، طولكرم، سيلفيت، جنين. المنطقة الثانية أي المنطقة B تشكل 22% من مساحة الضفة الغربية وهي التي فيها المستوطنات الإسرائيلية الكبرى: فيها معاليه أدوميم، وفيها غوش عتصيون، وأريئيل وشمرون من جهة نابلس وعودين من جهة رام الله.

    أي تقع هذه المستوطنات؟
    - هذه المستوطنات أخي الكريم تقع هنا. الأهم لدى الإسرائيليين هو فصل جنوب الضفة الغربية عن شمالها. في هذه المنطقة يريدون الفصل. الفصل بين بيت لحم والخليل وهنا رام الله ونابلس وطوباس وطولكرم وسلفيت وجنين وغيرهم. يريدون الفصا، الفصل الكلي لا يتم، لكنهم إذا ما أخذوا الأغوار يصبح الفصل هنا كاملا". هذه مستوطنة جفعات زئيف شمال غرب القدس. جفعات زئيف مع معاليه أدوميم شرق القدس تصبح الضفة الغربية مقسومة قسمين. الربط بين الشمال والجنوب هو عبر ممرات أمنية. أما بقية المستوطنات، موديعيم توجد في نابلس، الإسرائيليون يؤمنون أن هذه المدينة كانت في يوم من الأيام عاصمة الدولة السامرية. كذلك توجد مستوطنة أريئيل شمال طولكرم هنا. الإسرائيليون – حتى في جدار الفصل- عندما بنوا الجدار في الأيام الأولى دخلوا داخل قلقيلية، ودخلوا داخل طولكرم، يعني أنهم لم يجعلوا الجدار على الحدود تماما" وإنما دخلوا داخل المناطق. هذه المناطق، للأسف، هي مناطق الكتل الإستيطانية الست الكبرى. يتحدثون عن أربعة لكن في الحقيقة هي ستة مستوطنات كما ذكرت وهي: أرئيل ومعاليه أدوميم وغوش عتصيون وشمرون وجفعات زئيف. هذه المستوطنات هي عبارة عن تكتلات، غوش تعني تكتل، كل مستوطنة هي عبارة عن مركز مدينة حولها عشرات المستوطنات. غوش عتصيون مثلا" حولها 14 مستوطنة، معاليه أدوميم عندها 10 مستوطنات، أريئيل عندها 8 مستوطنات. الإسرائيليون يحاولون من خلال هذا الضم أخذ ليس فقط –كما يدعون- 10% من مساحة الضفة الغربية. الهدف الفعلي هو أخذ أرض المستوطنات والأرض المخدمة للمستوطنات.

    ماذا يحدث إذا أُخذت؟
    - الضفة الغربية -كما ذكرت- مساحتها 5840 كلم مربع ومقسمة إلى 3 مناطق A، B، C. ِA 19 %، B 22%، C 61%. 88% أي 8 من 10 من المنطقة C هي الغور. يبقى للفلسطينيين فقط في منطقة الأغوار مساحة 8 % و 4 من 10 فقط من المنطقة C. الضفة الغربية كذلك هي عبارة عن 10 % مستوطنات كبرى لكن 40% هي أرض مخدمة للمستوطنات، هي عبارة عن طرق التفافية وعبارة عن معسكرات عسكرية وبر خلاء. كذلك هناك 200 كلم مربع من الطرق العسكربة هي عبارة عن 2 و 3 من 10 من أرض الضفة الغربية.

    دكتور مصطفى ما هي الظروف التي سمحت باتخاذ مثل هكذا قرار برأيك؟
    - أولا" هذا القرار ليس جديد، هذا القرار قديم. الإسرائيليون منذ عام 67 لم يتوقفوا لحظة واحدة عن الحديث عن الضم، ليس ضم الأغوار بل توسعة القدس الكبرى أي ربط جفعات زئيف ومعاليه أدوميم بالأغوار. هو حلم قديم عند الإسرائيليين لكن الإسرائيليين كانوا دوما" يفشلون أمام هبات الشعب الفلسطيني وانتفاضته العظيمة. للأسف، في ظل اتفاقيات أوسلو وطابا والقاهرة، اتفق الإسرائيليون مع المفاوض الفلسطيني على أن يضم الإسرائيلي المستوطنات الكبرى. إذن هناك أصل في الإتفاق الإسرائيلي الفلسطيني الرسمي الذي يسمى اتفاق أوسلو على أن تضم بعض المناطق الفلسطينية إلى الكيان الإسرائيلي. لكن الإتفاق القديم كان عبارة عن 5 أو 6 من 10 من أرض الضفة الغربية تضم إلى الكيان الإسرائيلي على أن تجرى إزاحة وتغيير جغرافي يعوض فيه الفلسطينيون بالقدر والقيمة أرضا" في الشمال سواء لجهة بيسان أو في الجنوب لجهة النقب. على هذه القاعدة بنى الإسرائيليون مواقفهم بأن السلطة الفلسطينية لديها قبول نفسي أو قبول ضمني لإمكانية ضم المستوطنات. الإسرائيليون الآن في ظل ترامب، في ظل الإدارة الأمريكية أخذوا دفع معنوي لضم المزيد من الأراضي.

    برأيك المواقف العربية، نحن نتحدث عن أهمية الأردن بالنسبة للغور. ماذا سيكون الموقف الأردني، الموقف المصري، موقف الفلسطينيون أنفسهم كيف سيكون في حال تم ضم هذه المناطق؟
    - أنا أعتقد أن المواقف العربية منقسمة. للأسف، بعض الدول العربية موافقة على الضم كالإمارات العربية المتحدة موافقة، البحرين تدعم، الحديث ليس غريبا" عن قطر وعمان، المغرب كذلك عندها موافقة ضمنية، مصر صامتة صمتا" مريبا" ما يعبر عن موقف قبول لكن مصر غير قادرة على الإعلان لكن هذا يؤكد أن هناك موافقة خاصة أن الإدارة الأمريكية -في ظل إدارة ترامب- على مدى الثلاث سنوات الماضية عملت في السر وفي العلن على إدارة لقاءات سرية إسرائيلية-عربية لخلق اتفاقبة عدم اعتداء. الأردن – في وجهة نظري- هو أكثر الدول العربية تخوفا" من الضم. وأنا ربما أجتهد وأقول أن أكثر المواقف صدقية هو الموقف الأردني. بغض النظر عن النوايا الحقيقية.

    هل هناك تخوفا" من أي ثورة أو انتفاضة داخلية في الأردن؟
    - لا يوجد فقط تخوف من انتفاضة داخلية. الضم يعني استعادة مشروع الوطن البديل. الأردن يخاف من قضية الوطن البديل. شارون عندما فتح موضوع الأغوار وضم الأغوار تحدث عن الوطن البديل. الوطن البديل هو الأردن، الأردن فيها أكثر من 3 ملايين فلسطيني وفيه ما لا يزيد عن 300 ألف أردني.

    الموقف الأردني هو محبة بالفلسطينيين أم خوفا" من هذا المشروع؟
    - في النهاية أنا أريد أن أتقاطع معهم، أنا كتبت عن هذا الموضوع، الموقف الأردني الآن هو موقف صلب لكن هل يستطيع الصمود؟ الأردن يخاف، هناك مشروع أمريكي إسرائيلي بدأه شارون وما قبل شارون هو إنشاء المملكة الأردنية الفلسطينية بملك دستوري أردني ورئيس حكومة فلسطيني يدير الحكومة. هناك تخوف حقيقي.

    برأيك بماذا سوف تؤثر عملية الضم على توازن الصراع في العالم؟
    - أنا أولا" أعتقد أن عملية الضم بخارطة ترامب لن تتم، وبخارطة المستوطنين لن تتم، هناك حل وسطي، حل ثالث هو الذي سيتم.

    ما هو هذا الحل؟
    - لن تتمكن الحكومة الإسرائيلية من إجراء عملية الضم وفق خارطة ترامب التي تنص على ضم 29 % من مساحة الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني، ولا على خارطة المستوطنين التي تتجاوز إلى 35 أو 40 % من مساحة الضفة.

    خارطة ترامب كيف ستكون إذا أردنا أن نقسمها على الخارطة وخارطة المستوطنين كيف ستكون، والحل الثالث كيف سيكون وهو ليس بحل بل الإحتمال الثالث؟
    - خارطة ترامب واضحة إذ تتحدث عن المنطقة C التي هي منطقة الأغوار بكاملها والتجمعات الإستيطانية معاليه أدوميم وجفعات زئيف وأريئيل وشمرون. هذا بالنسبة لترامب. بالنسبة للمستوطنين، المستوطنون يتحدثون عن وجود 130 مستوطنة نظامية معترف بها داخل فلسطين المحتلة في داخل الجدار. في الجانب الفلسطيني هناك 52 مستوطنة، في الجانب الإسرائيلي هناك 78 مستوطنة. في داخل المدن الفلسطينية هناك 15 مستوطنة. في داخل المدن في الخليل، في بيت لحم،في داخل نابلس. عندما نتحدث عن الحرم الإبراهيمي، البلدة القديمة، بين السكان، البيوت الفلسطينية هي بين المستوطنات.

    تحديدا" هي بأي مناطق؟
    - تحديدا" في بيت لحم، في الخليل وفي داخل مدينة رام الله ونابلس. هذه المستوطنات عددها داخل المدن عددها 15. داخل المنطقة A 52 مستوطنة. الإسرائيليون المتدينون يقولون لا بد من ضم كل المستوطنات.

    ما يريده المستوطنون الإسرائيليون في الضفة في حال تم ضم هذه المستوطنات ستتقطع أيضا" أوصال المناطق الفلسطينية.
    - أولا" المستوطنون يقولون عن ترامب هذا "المفيد الأحمق". يصفون ترامب بأنه مفيد وأحمق أي خدم المستوطنين بأنه سمح لهم بالضم، لكنه أحمق لأنه تنازل عن نسبة 70% من أرض إسرائيل للفلسطينيين. فالمستوطنون يرفضون خطط ترامب، لكنهم يستفيدون منها كمدخل للضم.

    ماذا عن الخارطة الثالثة؟
    - هي عبارة عن ضم الكتل الإستيطانية الكبرى أي الستة تكتلات. إذا ما ضمت هذه المستوطنات مع مناطق من الأغوار يصبح ما مساحته لدى الفلسطينيين عبارة عن أرخبيل متقطع، جزر متباعدة.

    كيف سيصبح شكل هذه الأرخبيلات؟
    - للأسف، من الصعب جدا" على أي باحث أن يرصد هذا الأمر. هي عبارة عن أرخبيل، عن جزر مساحتها الكلية تقريبا" 3332 كلم لكنها متقطعة الأوصال، تفصل بينها المستوطنات والطرق الإلتفافية والمعسكرات العسكرية الإسرائيلية.

    لو نوضح عن هذه التقطعات التقريبية التوضيحية، كيف يمكن أن تكون هذه المناطق الفلسطينية المتقطعة إلى أرخبيلات؟
    - أنا ذكرت لك، المدن الفلسطينية هي عبارة عن: في الشمال هناك جنين وهناك طوباس وطولكرم وقلقيلية و سيلفيت و نابلس ورام الله والقدس وبيت لحم، هذه عبارة عن المدن. في داخلها هناك مستوطنات. هذه المناطق البينية ستبقى كلها تحت الجانب الإسرائيلي. لا يوجد هناك أي رابط بين هذه المستوطنات على الإطلاق. حتى –كما ذكرت لك- هناك في القدس، مستوطنات القدس الكبرى ستفصل الشمال عن الجنوب. ستبقى المداخل عبارة عن بوابات عسكرية تفصل بين الشمال عبر بيت لحم والجنوب في هذه المناطق. لكن باختصار، أنا ذكرت أن الخيار الثالث هو خيار ضم المستوطنات.

    يعني برأيك هذه المرحلة الثالثة لماذا يصر عليها الإسرائيليون؟
    - المرحلة الثالثة هي أولا" المرحلة المنطقية بالنسبة للإسرائيليين. الإسرائيليون يعتقدون أن هناك قاعدة اتفاق مع الفلسطينيين، الفلسطينيون المفاوضين، سلطة أوسلو وافقت قديما" على الضم. إذن هناك قاعدة قانونية. ثانيا"، هذا الضم لا يثير غضب الأوروبيين. الكيان الصهيوني غاضب جدا" من موقف الأوروبيين الذي يعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية هي مستوطنات غير شرعية. وبالتالي، عملية الضم الكبرى الموسعة عبر خارطة ترامب أو خارطة المستوطنين تثير غضب الأوروبيين، وهناك خوف إسرائيلي حقيقي من أن يقوم الأويوبيون بإعلان الإعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 67 وهو ما يسبب القلق للإسرائيليين. الإسرائيليون خائفون كذلك من مقاطعة أوروبية إقتصادية أو ثقافية أو سياسية للكيان الصهيوني إن هو أقدم على هذه المرحلة. الإسرائيليون مصرون كذلك على التطبيق. لماذا؟ لأنهم يعتبرون أن هذه المرحلة ذهبية بالنسبة للإسرائيليين. ترامب قد لا يعود، في الأيام الأخيرة، استطلاعات الرأي تقول بأنه يخسر أمام المرشح الديموقراطي. ولذلك هناك خوف. يريدون استغلال المرحلة بكل السبل الممكنة للإستفادة من فترة وجوده لضم المستوطنات.
  • ضيوف الحلقة
    الدكتور مصطفى اللداوي - باحث وكاتب سياسي