كلمة الأمين العام - رسالة إلى المؤتمر الدولي الثاني عشر "غزة رمز المقاومة" 20-01-2024

  • شارك
  • تاريخ الحلقة
    2024-01-20
  • التقييم
  • موضوع الحلقة
    رسالة إلى المؤتمر الدولي الثاني عشر "غزة رمز المقاومة" 20-01-2024

بسم الله الرحمن الرحيم

. جانب حجة الإسلام والمسلمين المدير العام لجمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني
سماحة الشيخ محمد حسن رحيميان.

جانب رئيسة هيئة الأمناء لجمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني
الدكتورة زهراء مصطفوي.

. السادة الأجلاء المشاركون في المؤتمر أخوة وأخوات من مختلف أقطار العالم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

إن عنونة مؤتمركم بشعار "غزة" رمز المقاومة"، وتوقيته في مرحلة مصيرية تاريخية تخوض فيها المقاومة الفلسطينية مواجهة كبرى لحرب الإبادة الصهيونية إنما يدلل على إستشعار المعنيين في إدارة المؤتمر المسؤولية وتداعيهم المبارك للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته ومقاومته، وهو ما يوجب علينا جميعا مسؤوليات جساماً، واستنفاراً دائماً لتحشيد قدرات الأمة نصرة ودعماً للشعب الفلسطيني وإسناداً لمقاومته الباسلة التي تكتب اليوم بحق بتضحياتها وبطولاتها ودماء رجالها وثبات وصمود شعبها، مستقبل الأمة وتصون كرامتها وترسخ عنفوانها.

إن ما خسرته إسرائيل حتى اليوم في غزة من ضباط وجنود على أيدي مجموعات المقاومة الفلسطينية يتجاوز بأضعاف كثيرة ما خسرته في حرب الـ ٦٧.

فالجيش الإسرائيلي الذي إحتل في حرب الأيام الستة أكثر من ٦٩٠٠٠ كلم ، يهزم اليوم على جزء من مساحة غزة، ويعجز عن تحقيق هدف أو إعلان إحتلال أو إقتراب من نصر بل هو يتراجع وينكفئ تحت عنوان الإنتقال إلى مرحلة جديدة، ولذلك من الطبيعي والصواب أن يكون شعار المؤتمر "غزة رمز المقاومة".

غزة اليوم هي الرمز لأن في غزة مقاومة شريفة مقدامة أبية.

وغزة هي الرمز لأنها تعبر بمقاومتها عن إباء وعنفوان وشموخ وطموحات وآمال شعوبنا المتعطشة للعزة والإنتصار.

لو لم تقاوم غزة لما كانت رمزاً وعنوان عزة.

المقاومة هي التي تعز أهلها وحملة رايتها.

المقاومة هي سر العزة وسر الكرامة ومفتاح النصر.

غزة جغرافيا صغيرة لكنها عملاقة بشموخها وبطولاتها.

إن غزة اليوم أوسع من العالم كله كرامة وعنفواناً وإباء.

لقد عمل العدو وأسياده منذ إحتلال فلسطين على مسارين إثنين، الأول مسار تشريع الإحتلال دولياً وتلميع صورته وتظهيره ككيان نموذجي متحضر يمكن أن يُحتذى كقدوة للمنطقة. ولقد سجلوا في المسار الأول نجاحات بارزة لما يمتلكونه من قدرات وهيمنة على المؤسسات الدولية الكبرى وعلى أنظمة الغرب وقواه الفاعلة والمؤثرة.

أما المسار الآخر فكانت خلاصته إضعاف وخنق مقاومة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته وصولاً إلى إخراجها من ساحة التداول العالمي بالإعتماد على القوة لشطب القوى المقاومة واعتماداً على خيار التطبيع الذي كفل لهم إخراج أنظمة مؤثرة من ساحة المواجهة.

لقد كان خيار التطبيع ولا زال مشروع تطويع الإرادة الأمة.. ومشروع تضييع لقضيتها المركزية، ومشروع تهشيم لوحدة خياراتها حتى كادت أن تتحول قضية فلسطين التي هي قضية الأمة إلى قضية فلسطينية حصرية يتيمة غربية غريبة بين أهلها وقومها وإخوانها.

لقد وضع خيار التطبيع مع العدو القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في أرضه في دائرة الإستهداف بل في دائرة الخطر المحدق، وفي مسار إنحداري ينذر بكل خطر بما يحمله التطبيع مع العدو من تأمر وخذلان للشعب الفلسطيني وتخل عن حقه وقضيته ومقاومته ومستقبله.

وفي هذه اللحظة القاتلة جاء طوفان الأقصى" المقاوم ليخلط كل الأوراق وليبدل كل الحسابات وليحوّل التهديد إلى فرصة وجودية متقدمة وإلى محطة تحول في المسارات التي عمل عليها الأعداء طويلاً.

لقد حفر الطوفان عميقاً في وجدان الصهاينة هزيمة لا يمكن أن تمحى. لقد تهشمت الإسطورة، وتهشم النموذج وتلاشت الهيبة، وتزلزل المشروع، وعادت القضية التي عملوا طويلاً على خنقها لتتصدر كل جدارات العالم، ولتوقظ العالم من جديد وتعيد الزخم والحضور المدوي ولتظهر نفسها كقضية عالمية ممتدة وحاضرة في كل جغرافيا العالم وأروقته.

لقد وجه طوفان الأقصى المقاوم صفعة قاسية لكل محاولات شطب قضية فلسطين وأكد أن القضية التي تأمر عليها الكثير من الغرب والكثير من الشرق، والكثير من الأبعدين والكثير من الأقربين، ما كانت لتبقى على قيد الحياة لولا مقاومتها وبندقيتها وتضحياتها. إذ لا حضور لأحد في هذا العالم الغاشم المتوحش إلا بقدر مقاومته، وإن الحق إذا تسلح بالقوة والإيمان وإرادة المقاومة والصمود فلا يمكن هزيمته مهما كان العدو غاشماً عاتياً.

إن العدو الإسرائيلي الذي يمعن اليوم في المذابح والجرائم فيقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء ويشن حرب إبادة شاملة على البشر والحجر والحياة، ويرتكب فظائع هي الأعظم في التاريخ الحديث، إنما يفعل كل ذلك ليغطي الهزائم بالمذابح ولينتزع بصور المجازر والدمار صورة إسرائيل الذليلة يوم 7 تشرين الأول ولينتقم لزعزعة مشروعه الذي بذل وأسياده كل جهد طوال ما يزيد عن الـ ٥٠ عاماً.

أيها الأعزاء...

لقد أنهك الغرب في هجمته على منطقتنا وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا جسد الأمة وفكرها طولاً وعرضاً بمشاريع التجزئة والتضليل والخداع والتفتيت تساعده أدوات غاشمة وأقلام أئمة. وأصوات مأجورة وعقول مستأجرة، فمزق بالطائفية والعنصرية والمذهبية كل موحد، وعمق شرذمة كل مُشردم، فغابت مشتركات الأمة الكبيرة الصالح إختلافاتها الصغيرة في مرحلة تتعرض فيها الأمة هوية وقدرات.

ودوراً ووجوداً لمخاطر عميقة عاصفة...

لقد عملوا على تمزيق شعوبنا وإشغالها بقضايا التفتيت ولكن بقيت فلسطين وحدها صمام وحدة، ومسار تلاق، وقاعدة استنهاض، ومعراج عبور إلى المستقبل الذي تتلهف إليه شعوبنا، مستقبل المنعة والعزة والحرية والسيادة والإستقرار والرفاه.

بعد عقود من السعي المركز بدعم أميركي وغربي كامل لتقطيع قضية فلسطين وتجزئتها وتذويبها.. جاءت النصرة لغزة من ساحات لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن أوسع من توقعات العدو، وقد نجحت فصائل المقاومة في محاصرة الكيان الغاصب بالنار على مدى أكثر من (۱۰۰) يوم) وهو أمر غير مسبوق.

إن دماء شهداء نصرة غزة في لبنان، ودماء شهداء نصرة غزة في سوريا ودماء نصرة غزة في العراق، ودماء شهداء نصرة غزة في اليمن، ودماء شهداء نصرة غزة في إيران، والتي كان آخرها دماء اللواء السيد رضي الموسوي كل هذه الدماء تتوحد وتلتحم وتتكامل مع دماء شهداء غزة والضفة الغربية.

إنها وحدة الدم والبندقية والساحة والهدف، وهو ما يؤرق أعداءنا، وهو ما يجب أن نستمر به ونعمل على تزخيمه وتعميقه وتمديده.

من يعتقد أن لدى هذه الأمة خياراً غير المقاومة فهو مخطى وواهم جداً جداً جداً.

إسرائيل لم تحتل فلسطين بالدبلوماسية وإنما بالسلاح وبالقوة ولم تحتل بيروت عام ۸۲ بالدبلوماسية وإنما بالسلاح وبالقوة، ولا تهدد الأمة اليوم بالدبلوماسية وإنما بالسلاح وبالقوة.

إسرائيل لم تندحر من لبنان عام ۸۲ بالدبلوماسية وإنما إندحرت بالمقاومة.

وإسرائيل لن تندحر من غزة وفلسطين بالدبلوماسية وإنما بالمقاومة. نحن كأمة لا خيار لنا سوى المقاومة، لا نملك سوى المقاومة، لا شيئ يمكن أن نراهن عليه سوى المقاومة.

إن المواجهة مع العدو ليست مواجهة يوم ويومين، وإنما هي مواجهة مستمرة ومتواصلة ومتراكمة ويجب أن نبقى حاضرين في هذه المواجهة.

إن إحتشاد أساطيل الدول المستكبرة دعماً لإسرائيل إنما يؤكد وهنها وتزلزلها، وهو ما يجب أن يُصلب إرادتنا بالتمسك بخيار المقاومة، فإذا لم تتوفر ظروف تحرير فلسطين اليوم فعلينا أن نُعِد ونستعد لغد وبعد غد.

أما المراهنة على المؤسسات الدولية وما يُسمّى بالمجتمع الدولي فهي كما شهدتم وشهدنا مراراً إنما هي مراهنة فاشلة خائبة لم تنتج سوى الحسرة والخسران والخيبة والمرارة.

إن هذه المؤسسات الدولية خارج الرهان لأنها مرتهنة لإرادة الإدارة الأميركية، وقد كان آخر مهازل وتواطؤ هذه المؤسسات هو القرار الذي أدان اليمن في إستهدافه للسفن الإسرائيلية دفاعاً عن غزة وشرع الإستهداف الأميركي - البريطاني للأخوة " أنصار الله" وتجاهل بكل وقاحة وخبث، مليوني مواطن فلسطيني بين شهيد وجريح ومعتقل وجائع وعطشان ونازح في العراء، جراء المذابح والإعتداءات الإسرائيلية.

من مؤتمركم المبارك أتوجه بالشكر إلى الإخوة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وشعباً على مواقفهم الريادية الداعمة، ولمواقف سماحة الإمام القائد آية الله السيد علي الخامنئي (دام ظله) الأصيلة والحكيمة.

أشكر مؤتمركم ووقفتكم ونصرتكم للمقاومة..... عهد المقاومة الإسلامية في لبنان أن تبقى في موقع النصرة لغزة حتى إنتصار غزة.

وعهدنا لإمامنا الخميني العظيم (قدس سره)، أن نحفظ وصاياه وأن نلتزم خطه ونواصل طريقه الذي لن تكون عاقبته إلا النصر والعزة والكرامة.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرُكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

- محمد - الآية - ٧

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته